مقدمة
في المقال الأول من سلسلة الوزن الصحي، سنتناول الدهون كعنصر أساسي لزيادة الوزن و النحافة المفرطة! ولكن هل لفتك اولاً عنوان السلسلة؟! ” الوزن الصحي “.
هل سمعت بهذا المصطلح من قبل أم معتادٌ على مصطلح ” الوزن المثالي “؟! هل هما مصطلحين مختلفين لمفهومٍ واحد أم لا؟ أم هو المتعارف عليه كشكل جسم معين أو معايير مجتمعية معينة؟! هل الأساس هو السعرات الحرارية؟ أم قلة الحركة؟ هل نوعية وجودة الطعام الذي نأكله يلعب دوراً في ذلك؟ هل أنا حاضر مع طعامي الذي أمامي؟ وماذا تعنيه تلك الجملة أصلاً؟ّ
فكيف أصل للوزن الصحي؟ و كيف تتكون الدهون و لماذا؟
الدهون وعملية التمثيل الغذائي (الاستقلاب)
الدهون هي إحدى مصادر الطاقة في الجسم، حيث يحصل الجسم على الطاقة اللازمة للقيام بالعمليات الحيوية في جميع الأوقات حتى أثناء النوم، مثل التنفس، بناء الخلايا، عملية الهضم والتخلص من السموم، و دوران الدم، عن طريق عملية (الاستقلاب)، فما هي عملية الاستقلاب؟
هي مجموعة من العمليات الكيميائية الحيوية التي تحدث داخل الجسم، وتنقسم الى جزئين يعملان معًا لإنتاج الطاقة وهما : عملية البناء وعملية الهدم.
و تُخَزّن السعرات الحرارية الزائدة عن حاجة الجسم داخل خلايا دهنية متخصصة تسمى الأنسجة الدهنية، وذلك إما بزيادة حجم الخلايا الدهنية الموجودة في الجسم أو بتكوين خلايا دهنية جديدة، وتعتبر الدهون المصدر الأخير الذي قد يستخدمه الجسم لتزويده بالطاقة بعد السكريات والبروتينات.
- حجم / كتلة الجسم
- العمر
- الجنس
- الجينات والعامل الوراثي
- النوم
- الحالة النفسية والشعورية
فما الذي يحدث في الجسم عندما يكون هناك اضطراب في عملية الاستقلاب؟
أمراض عملية الاستقلاب:
بطء الاستقلاب :
هو بطء العمليات الكيميائية التي تحدث في الجسم للحصول على الطاقة وبالتالي إنتاج طاقة أقل، وكذلك الجسم يستخدم طاقة أقل للقيام بالعمليات الحيوية الأساسية مثل التنفس، بناء وهدم الخلايا وغيرها، مما يؤدي إلى تخزين السعرات الحرارية الزائدة في الجسم وتراكمها على شكل دهون و من ثم زيادة في الوزن وقد يصل الأمر الى السمنة.
سرعة الاستقلاب :
هي العكس تماماً، حيث يحدث تسارع في العمليات الكيميائية في الجسم للحصول على الطاقة وبالتالي حرق سريع للسعرات الحرارية الداخلة للجسم من طعام وشراب فلا تتراكم الدهون.تؤدي سرعة الاستقلاب إلى عدم اكتساب الوزن حتى عند تناول أطعمة ذات سعرات حرارية عالية وبالتالي الوصول لحالة النحافة المفرطة.
أثبتت الدراسات والتجارب بأنه قد لا يكون سبب زيادة الوزن هو بطء عملية الاستقلاب، بل لأن كمية الطعام الذي يتناولها الفرد وكمية السعرات الحرارية الداخلة للجسم تكون أعلى من المجهود الذي يُبذل، فيعمل الجسم على تسريع الاستقلاب لأنه مع زيادة حجم الجسم تزيد الطاقة المطلوبة للقيام بوظائف الجسم الأساسية.
مثال توضيحي: شخص عملية الاستقلاب في جسمه بطيئة نتيجة اضطراب أو مرض معين أدت إلى تخزين السعرات الحرارية في جسمه على شكل دهون و عدم استخدامها كمصدر طاقة بالتالي زيادة في الوزن.
أو شخص يتناول سعرات حرارية بكمية كبيرة مقارنة بالمجهود الحركي الذي يبذله فزاد وزنه وكتلة جسمه، فيقوم الجسم بتسريع الاستقلاب لإنتاج طاقة للقيام بالعمليات الحيوية ووظائف الجسم الأساسية استجابة لزيادة كتلة وحجم الجسم.
و ننوه أن هناك الكثير من الأسباب الجسدية والأمراض التي قد تؤدي إلى زيادة الوزن أو النحافة المفرطة لن نتطرق لها في هذا المقال، ولكن من المهم فهم عملية التمثيل الغذائي (الاستقلاب) كونها عملية كيميائية أساسية في الجسم ولها دور أساسي في التعامل مع السعرات الحرارية والطعام والشراب الذي نأكله.
أثر التوتر والعامل النفسي على وزن الجسم:
لابد أنك قد عانيت من الضغط النفسي والتوتر، وربما قد يكون تعرضك لمسببات التوتر (من ضغط عمل، مشكلات الحياة اليومية، علاقات سيئة، مشتتات العصر الحالي) بشكل يومي! فهل تساءلت يوماً ما هو أثر هذا التوتر على جسمك وصحتك النفسية والجسدية؟ وهل أيضا له علاقة بالوزن؟
فالإجابة هي نعم!عندما يدخل الإنسان في حالة توتر لأي سبب كان تفرز هرمونات في الجسم استجابة للتوتر، وهذا الهرمونات التي تدعى هرمونات التوتر (الكورتيزول، والأدرينالين، النورإيبينفرين) لها أثر كبير على فسيولوجية الجسم واستقلابه، وحدوث اضطراب في عملية الاستقلاب تعني إما زيادة وزن وسمنة أو نحافة مفرطة، خاصةً مع غياب نمط الحياة الصحي من غذاء وحركة ونوم عند الانسان.
المعنى الشعوري للدهون و المشاعر المرتبطة بها :
الدهون عبارة عن مخازن الطاقة التي يخزنها الجسم لتساعده على أداء قدرة مستقبلية، فهي مرتبطة بشعور القدرة، وعندما يعاني الانسان من مشاعر ضعف وتحدي في مواجهة صعوبات الحياة المستقبلية يحدث اضطراب في عملية الاستقلاب في الجسم.
حيث يستقبل الجسم هذه المشاعر وكأن هناك حرب وتحدي يجب على الجسم مواجهته فيخزن الدهون تحضيراً لهذه المواجهة !
وذلك عن طريق تبطيء عملية الاستقلاب في الجسم، فمثلاً نرى أحياناً أشخاص أكلهم قليل وحركتهم كثيرة ومع ذلك وزنهم يزيد.
ويمكن قياس ذلك عند الأشخاص الذين لديهم زيادة في الوزن مراقبة ذاتهم كم من مرة يقولون كلمة “لازم” في اليوم؟!
كمية الإلزام التي أضع نفسي وجسمي فيها أكبر من أفعالي الواقعية في اللحظة الحالية، بالاضافة لشعور الضعف في مواجهة هذه الإلزامات، التي قد تتمثل في أي شيء في هذه الحياة (مثل لازم أنجز كذا، لازم أرتب كذا، لازم أعمل كذا، لازم أنظف كذا، لازم أنحف) فيدخل الجسم في تحدي مواجهة صعبة ستحصل! وينطبق الأمر على الإلزام في الأمور الايجابية أيضاً (مثل لازم أعيش الحال الأنثوي للإناث، أو الحال الذكوري للذكور)!
ماذا عن الحالة المعاكسة “زيادة الاستقلاب”التي تؤدي إلى النحافة المفرطة؟!
الشعور المرتبط بهذه الحالة هو عدم الرغبة ورفض المواجهة، بالتالي الشخص النحيف هو إنسان لا يحب المواجهة ومستعد أن يبذل آخر مورد طاقة عنده حتى لا يضطر أن يواجه، والمواجهة قد تكون مواجهة أشخاص، مسؤوليات الحياة من عمل وعائلة… وغيرها من الأمور.
مثال على ذلك: الأنثى الخجولة جداً غالباً ما يكون عندها خجل زائد في مقابلة ومواجهة الناس وقد تشعر كذلك بالخجل من شكل جسمها النحيل.
وهذا يفسر نحافة الأشخاص الذين يأكلون سعرات حرارية عالية ومع ذلك معدل الحرق عندهم سريع ولا يتم تخزين دهون في الجسم.
تذكير و تنويه:
الاعتراف بالشعور ومحاولة تقبله كما هو دون الحكم عليه ومن غير جلد للذات، والبدء بالانتباه وادراك الشعور ومراقبة تكراره خلال اليوم هو أساس رحلة اتزان المشاعر.
وفي نهاية هذا المقال الذي وضحنا من خلاله الأسباب الجسدية والنفسية والشعورية للدهون سواءً بحالة زيادة الوزن أو النحافة المفرطة، كونوا بخير وعافية، اهتموا بنفسكم و انتبهوا لمشاعركم الى أن نلتقي في المقال القادم من سلسلة الوزن الصحي.